لا تهملوا دور الطبيعة في التغيرات المناخيّة.. (ناجي كعدي)

27/07/2021

بقلم الباحث والدكتور ناجي كعدي:

تمرّ الكرة الارضية اليوم في مرحلة من التغيّرات المناخيّة التي تتمثل بارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة، ممّا يساهم في تغيير نظمها الهيدرولوجيّة. وكثرت الأبحاث التي تثبت دور البشر في التسبب بزيادة غاز ثاني اوكسيد الكربون الذي يسبب هذا الإحتباس الحراري وبالتالي التغيّرات المناخيّة.
ولكن للأسف تم التركيز على دور البشر الذي يمكن السيطرة عليه، دون الإضاءة على دور الدورة الطبيعية للكرة الأرضيّة التي لا يمكننا اتخاذ أي اجراء للتحكّم بها. هذه الدورة ومنذ ٢٠٠،٠٠٠ سنة حتى اليوم تمرّ بفترات حارة ترتفع فيها الحرارة وبفترات أخرى باردة جليدية تطبع انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة. خلال أحد هذه الفترات مثلاً، ارتفعت درجات الحرارة حوالي ٥ درجات مئوية خلال ٥٠ سنة في ظل غياب اي تواجد للنشاطات البشريّة المسببة لهذا الإرتفاع الكبير الذي فاق بمعدّلاته معدّلات الزيادة التي نشهدها اليوم. لهذه الدورة الطبيعية عدّة اسباب، منها، بحسب دراسات الباحث ميلانكوفيتش، تذبذب ميل محور الأرض في إطار ما يعرف "بدورة ميلانكوفيتش". يساهم هذا التذبذب في تفسير اثر الطبيعة على تغير درجات الحرارة: فكلما كان محور الارض مائل نسبيًا كلما كانت اشعة الشمس التي تصل الى الارض اكثر ميلاً وهنا ندخل في مرحلة جليدية. وبالعكس، كلما كان محور الارض قائمًا نسبيًا كلما كانت اشعة الشمس الواصلة الى الارض عاموديّة، وهنا ندخل في مرحلة من ارتفاع درجات الحرارة.
في احد خرائط ميركاتور (واحد من كبار العلماء الذين اسّسوا لعلم الخرائط والإسقاطات) يظهر القطب الشمالي على شكل ٤ جزر تقطعها اربعة انهار تنبع من كتلة كبيرة من التضاريس في وسط القطب الشمالي والتي تقدّر مساحتها بحوالي ٢٢ كم مربع. وهذا دليل حديث نسبيًا على ان القطب الشمالي وفي مرحلة من مراحل تاريخ الكرة الأرضيّة لم يكن مغطًّا بالجليد، وهذا يثبت مرور الارض بهذه الدورات الطبيعيَة.
اضف الى ذلك العناصر الطبيعية التي تطلق كميات كبيرة من غازات الاحتباس الحراري، كالبراكين التي تطلق من ثاني اوكسيد الكاربون خلال ثورة واحدة، ما يعادل الكمية التي تطلقها طائرة السفر خلال سنة واحدة.
هذا ناهيك عن الكميات الضخمة من هذا الغاز التي تطلقها البحار والمحيطات ايضًا.
يجب علينا عدم الإكتفاء بمحاربة دور الإنسان في التسبب بالإحتباس الحراري، انما أيضًا التفكير في كيفيّة التأقلم مع دور الطبيعة في ذلك، فدور الانسان ربما يساهم في تسريع هذا الاحتباس الحراري وإنما ليس منعه. وتظهر بشائر هذا التأقلم في التطور التقني الذي تشهده البشرية ان كان من خلال تهجين انواع جديدة من المزروعات التي يمكنها التأقلم مع التغيرات المناخية، مثل انتاج نوع جديد من القمح الذي لا يحتاج لأكثر من ٣٪؜ من كمية المياه التي كان تحتاجها الانواع الاخرى منه. بالإضافة الى انتاج لحوم البقر في المختبرات وتطوير مصدات لمياه البحار والمحيطات التي يمكن ان ترتفع وتشكل خطرًا على المدن الساحليّة وغيرها الكثير.
ان آثار التغيرات المناخية الكارثيّة لن تظهر بشكل أساسي قبل سنة ٢٠٥٠. وحتى هذا التاريخ واذا ظلّت وتيرة التطور التقني على حالها، فإن العالم بأسره سيتجاوز خطر الإحتباس الحراري والتغيرات المناخيّة.(ناجي كعدي)

Share this:
Poppins

تابعونا على مواقع التوصل الإجتماعي

  • Labora
  • Fun zone
  • Khazzaka
  • Poppins
khazzaka insurance